يعد الحمل بحد ذاته رحلة صعبة من حيث التعب الجسدي والنفسي. وتزيد المضاعفات التي قد تتعرض لها الحامل ذلك العبء، ومن هذه المضاعفات المحتملة الإصابة بسكري الحمل.
كما تعد الإصابة به من المشكلات المرضية الشائعة في الحمل، حيث تصاب امرأة من كل 7 نساء حوامل بسكري الحمل على مستوى العالم [1].
وعادة ما يتم اكتشاف الإصابة به حيث تخضع الحامل لمجموعة من الفحوصات المخبرية مما يسهل الكشف المبكر عن الإصابة بالمرض.
يتم الفحص عادةً قبل الثلث الأخير من الحمل مباشرة، حيث يتم الفحص من خلال شرب مشروب مُحلى قبل الفحص، ومن ثم قياس نسبة السكر في الدم.
ستجد في هذه المقالة كل ما تود معرفته عن سكري الحمل من حيث الأعراض والأسباب وطريقة العلاج.
من المعلوم أن داء السكري له نوعان النوع الأول والثاني، ويحدث فيه ارتفاع لنسبة الجلوكوز في الدم. وينتج البنكرياس الأنسولين الذي يعمل على دخول الجلوكوز إلى داخل الخلايا لإنتاج الطاقة، وهذا في الحالة الطبيعية.
عند الإصابة بداء السكري فإن البنكرياس لا ينتج ما يكفي من الإنسولين، وبالتالي لا يستطيع الجلوكوز دخول الخلايا وترتفع نسبته في الدم، هذا في حالة الإصابة بداء السكري من النوع الأول.
أما النوع الثاني فغالبًا يكون السبب هو مقاومة الأنسولين. يسبب ارتفاع نسبة الجلوكوز في الدم عدة مشاكل صحية مثل أمراض القلب، الكلى، ومشاكل في العين.
يتم تشخيص سكري الحمل لأول مرة أثناء الحمل، وعادة ما يتم قياس نسبة السكر في الدم في الفترة بين الأسبوع 24 إلى 28 من الحمل، أما إذا وجدت عوامل خطورة للإصابة بالسكري عادة ما يتم الاختبار في وقت مبكر.
يتم قياس مستوى السكر في الدم عن طريق فحص يتم على خطوتين، الخطوة الأولى عن طريق اختبار يسمى اختبار تحدي الجلوكوز الأولى وفيه يشرب الشخص محلول الجلوكوز بتركيز 50 جرامًا، ويتم قياس نسبة الجلوكوز بعد ساعة.
إذا تعدت نسبة الجلوكوز 140 ميللجرام / ديسي لتر، فيتم بعد ذلك إجراء اختبار آخر بعد الصيام، وبعد ذلك اختبار آخر يدعى تحمل الجلوكوز ويكون بشرب محلول جلوكوز بتركيز 100 جرام، ويتم سحب الدم بعد ساعة وساعتين وثلاث لقياس نسبة الجلوكوز.
ويجب ألا تزيد نسبة الجلوكوز عن مستويات محددة بعد تلك الساعات؛ فالحد الأقصي لمستوى الجلوكوز هو 95 ميللجرام / ديسي لتر، 180 ميلليجرام/ ديسي لتر، 155 ميلليجرا / ديسي لتر، و 140 ميلليجرام/ ديسي لتر.
وفي حالة تم التشخيص بسكري الحمل، فيجب المتابعة عن طريق إجراء الاختبارات بعد 4 – 12 أسبوع بعد الولادة، ثم المتابعة كل ثلاث سنوات.
لا يمكن تحديد السبب الأساسي للإصابة بسكري الحمل، ويشبه سكري الحمل إلى حد كبير السكري من النوع الثاني حيث يرجع سبب الإصابة إلى مقاومة الأنسولين وليس نقصه كما هو الحال في النوع الأول.
في الحمل تنتج المشيمة العديد من الهرومونات التي تعمل على مقاومة الأنسولين، وعندما لا يستطيع البنكرياس إفراز كمية كافية من الأنسولين لمواجهة هذه المقاومة ترتفع نسبة السكر في الدم.
هناك عدة عوامل تزيد من احتمالية الإصابة بسكري الحمل، منها زيادة الوزن، إنجاب طفل كبير في ولادة سابقة، ووجود تاريخ عائلي للإصابة.
كما تزداد نسبة الإصابة في النساء من الأصول الآسيوية، الأمريكان، الأسبان طبقًا لتقارير مركز السيطرة على الأمراض.
غالبًا لا تظهر أية أعراض للإصابة، لكن قد تظهر أعراض مثل العطش وزيادة التبول بسبب ارتفاع نسبة السكر في الدم.
لحسن الحظ لا يسبب السكري تشوهات للجنين، حيث تحدث الإصابة به في منتصف الحمل، وغالبًا ما تكتمل مدة الحمل وفقًا لما ذكرته الكلية الأمريكية لأطباء النساء والتوليد.
ومن الضروري جدًا اتباع تعليمات الطبيب فيما يخص التعامل مع سكري الحمل، حيث أن هناك احتمالية للإصابة بمضاعفات المرض أثناء الحمل؛ مما يشكل خطورة على كلاً من الأم والجنين.
بعد التشخيص لابد من السيطرة على مستوى السكر في الدم، ومتابعة الجنين قبل الولادة، لزيادة احتمالية حدوث مضاعفات خطيرة للجنين، كما تزيد احتمالية الولادة المبكرة.
عندما يزيد مستوى الجلوكوز في دم الأم، يتبعه زيادة في مستوى السكر لدى الجنين أيضًا، وبالتالي ترتفع نسبة الأنسولين لدى الجنين، وتعمل تلك الزيادة على زيادة وزن الجنين، مما يعرضه لمشاكل أثناء الولادة، ويكون معرضًا للإصابة بانخفاض نسبة الجلوكوز بعد الولادة.
وفيما بعد يمكن أن يصاب الطفل نفسه بداء السكري في مرحلة الطفولة، أو عندما يكون بالغًا. كذلك فإن المرأة الحامل معرضة للإصابة بداء السكري من النوع الثاني بعد الولادة.
إن تشخيص الإصابة بداء سكري الحمل قد يكون أمرًا مثيرًا للقلق، ولكن لحسن الحظ فإن هناك العديد من الطرق المختلفة التي يمكن بها السيطرة على المرض. وباتباع هذه الخطوات يمكن التعامل مع المرض:
إقرأ عن: العلماء يكتشفون الأسباب وراء الإرهاق العضلي المزمن لمرضى كوفيد طويل الأمد
بعد ما يتم تشخيص الإصابة بسكري الحمل لابد من اتباع نظام غذائي محدد، ويجب أن يكون نمطًا غذائيًا يتبع خلال فترة الحمل.
يجب أن يحتوي هذا النظام على كمية معتدلة من اللحوم والبروتينيات والحبوب الكاملة، الكثير من الفاكهة والخضراوات، وكمية منخفضة من السكريات والكربوهيدرات.
يفضل أن تكون الوجبات خفيفة ومتكررة خلال اليوم، وتحتوي على نسبة مناسبة من البروتينات والكربوهيدرات المعقدة.
إن الهدف من اتباع نمط غذائي هو تناول الوجبات بصورة منتظمة مع تجنب تخطي الوجبات أو تناولها على فترات متباعدة؛ حتى يتم إفراز الأنسولين بصورة منتظمة وبالتالي الحفاظ على نسبة السكر في الدم.
إن تنوع طرق العلاج بين تعديل نمط الغذاء وممارسة الرياضة والأدوية التي تعدل من مستوى السكر في الدم يسمح لكِ بالمحافظة على سلامتك وسلامة الجنين.
التعليق