الاكتئاب ليس مجرد فترة عابرة من الحزن، ولا يُعتبر ضعفًا، ولا يمكن التخلص منه بسهولة. قد يتطلب علاجًا طويل الأمد. ولكن لا تفقد الأمل. يشعر معظم الأشخاص الذين يعانون من تلك الحالة بتحسن عند استخدام الأدوية أو العلاج النفسي أو كليهما.

ما هو مرض الاكتئاب؟

 هو اضطراب مزاجي يؤدي إلى شعور دائم بالحزن وفقدان الاهتمام. يُعرف أيضًا بالاكتئاب الشديد أو السريري، ويؤثر على مشاعرك وأفكارك وسلوكك، مما يمكن أن يتسبب في مشاكل عاطفية وجسدية متنوعة. قد تجد صعوبة في ممارسة الأنشطة اليومية المعتادة، وأحيانًا قد تشعر بأن الحياة لا تستحق العيش [1].

أنواع الاكتئاب

الاضطراب الاكتئابي الكبير:

 يُشخص الاكتِئاب الحاد (Major depressive disorder) عندما يشعر الشخص بالحزن أو الإحباط أو انعدام القيمة في معظم الأيام لمدة لا تقل عن أسبوعين، بالإضافة إلى أعراض أخرى مثل:

– صعوبة في النوم (الأرق) أو النوم لفترات طويلة.

– الشعور باليأس وفقدان الأمل.

– فقدان الشهية أو الإفراط في تناول الطعام.

– الشعور بالحزن.

– فقدان الطاقة والشعور بالإرهاق.

– الشعور بآلام غير مبررة.

– فقدان الاهتمام بالأنشطة التي كانت ممتعة.

– ضعف التركيز واضطرابات في الذاكرة.

– صعوبة في اتخاذ القرارات.

– التفكير في الانتحار أو الموت أو إيذاء النفس.

يُعد هذا الشكل الأكثر شدة والأكثر شيوعًا من الاكتئاب [2].

إقرأ أيضًا: الحزن: 5 مراحل له، وما تحتاج معرفته عن الحزن

الاكتئاب المستمر (Persistent depressive disorder) 

الاكتئِاب المستمر هو اكتئاب خفيف أو معتدل يدوم لمدة لا تقل عن سنتين. تكون الأعراض أقل حدة مقارنةً بالاكتئاب الحاد. كان يطلق على هذا النوع سابقًا اسم اضطراب الاكتئاب الجزئي (dysthymia).

اضطراب مزاجي تخريبي (Disruptive mood dysregulation disorder)

 يتسبب هذا الاضطراب في تهيج شديد ومستمر ونوبات غضب متكررة عند الأطفال، تبدأ الأعراض عادةً قبل سن العاشرة.

اضطراب ثنائي القطب

يعرف اضطراب ثنائي القطب أيضًا باسم الهوس الاكتئابي (Bipolar Disorder)، هو نوع من أنواع الاكتئاب الذي يعاني فيه الشخص من حالات مزدوجة. فقد يدخل المصاب في فترة اكتئاب شديد يتبعها فترة من النشاط أو الطاقة المرتفعة بشكل غير طبيعي، بحيث تبدو أعراضها معاكسة لأعراض الاكتئاب. تشمل أعراض الهوس أو النشاط العالي ما يلي:

• أفكار عظيمة.
• احترام الذات المبالغ فيه.
• انخفاض الحاجة إلى النوم.
• التفكير والنشاط بسرعة أعلى من المعتاد.
• السعي وراء المتعة، مثل الإنفاق المفرط.
• الشعور بالجنون أحيانًا.

إقرأ أيضًا: الاحتراق الوظيفي، الأعراض والعلاج و5 مؤشرات للإصابة به

عادةً ما تتبع هذه الحالة فترة اكتِئاب تظهر فيها الأعراض التالية:

• الشعور بالقلق والعصبية.
• الشعور بالتعب والخمول.
• الأرق.
• آلام جسدية بدون أسباب حقيقية مصحوبة بحركات انفعالية.
• الشعور باليأس وفقدان الثقة بالنفس.
• أفكار انتحارية، والتي تكون في حالة ثنائي القطب أكبر بحوالي 15 مرة مقارنة بأنواع الاكتئاب الأخرى.

من الجدير بالذكر أنه في حالات اضطراب ثنائي القطب يمكن أن يحدث الذهان، مما يؤدي إلى الهلوسة والأوهام في الحالات المتقدمة.

اكتئاب ما قبل الحيض

 في هذا النوع، تعاني النساء من أعراض متلازمة ما قبل الحيض (PMS) بالإضافة إلى أعراض مزاجية مثل التهيج الشديد، القلق أو الاكتِئاب:

• الشعور بالصداع.
• آلام في العضلات والمفاصل.
• تشنجات وانتفاخ وألم في الثدي.
• الشعور بالحزن.
• العصبية والانفعال.
• تقلبات مزاجية شديدة.
• نوبات هلع.
• فقدان الطاقة.
• الرغبة الشديدة في تناول الطعام أو الأكل بنهم.
• اضطرابات النوم.
• مشاكل في التركيز.

 تتحسن هذه الأعراض عادةً بعد بضعة أيام من بدء الدورة الشهرية، لكنها قد تكون شديدة بما يكفي للتأثير على الحياة اليومية.

الاكتِئاب الناتج عن حالة طبية أخرى

 يمكن للعديد من الحالات الطبية أن تؤدي إلى تغيرات في الجسم تسبب الاكتئاب. من الأمثلة على ذلك قصور الغدة الدرقية، أمراض القلب، مرض باركنسون والسرطان. عندما يتم علاج الحالة الطبية الأساسية، تتحسن الأعراض عادةً.

الاضطراب العاطفي الموسمي (الاكتئاب الموسمي)

 هذا النوع من اضطراب الاكتئاب الحاد يظهر عادةً خلال فصلي الخريف والشتاء ويختفي خلال الربيع والصيف.

الاكتئاب أثناء الحمل وبعد الولادة

 الاكتِئاب أثناء الحمل يحدث خلال فترة الحمل، في حين يتطور الاكتئاب بعد الولادة في غضون أربعة أسابيع من الولادة. يُشير الدليل التشخيصي إلى هذه الحالات بـ “اضطراب الاكتِئاب الحاد مع بداية محيطة بالولادة.”

الاكتِئاب غير النمطي

تختلف أعراض هذا النوع المعروف أيضًا بـ “اضطراب الاكتِئاب الحاد بميزات غير نمطية” قليلاً عن النوع التقليدي. الفارق الأساسي هو التحسن المؤقت في المزاج استجابةً للأحداث الإيجابية (تفاعل المزاج). وتشمل الأعراض الرئيسية الأخرى زيادة الشهية وحساسية الرفض.

الأشخاص المصابون باضطراب ثنائي القطب يعانون أيضًا من نوبات اكتِئابية بالإضافة إلى نوبات هوسية أو شبه هوسية.

ما هي اعراض الاكتئاب؟

يمكن أن يؤدي هذا المرض إلى العديد من الأعراض التي تؤثر على الحالة المزاجية للشخص، بالإضافة إلى تسببه في أعراض جسدية متنوعة [3].

تشمل الأعراض الأكثر شيوعًا ما يلي:

– الشعور بالحزن أو اليأس معظم الوقت.

– فقدان الرغبة في القيام بالأنشطة التي كان الشخص يستمتع بها في حياته اليومية.

– الشعور بالذنب.

– الشعور بانعدام القيمة وانخفاض احترام الذات.

– فقدان الشهية أو الإفراط في تناول الطعام.

– القلق أو اضطرابات النوم، حيث يمكن أن تزيد أو تقل عدد ساعات النوم.

– زيادة الوزن أو فقدانه بشكل غير مقصود.

– صعوبة في التفكير أو التركيز، والتردد في اتخاذ القرارات.

– الشعور بالتعب المستمر أو فقدان الطاقة حتى للقيام بالأمور البسيطة.

– فقدان الرغبة الجنسية.

– التفكير في الموت أو الانتحار.

يمكن أن تختلف الأعراض بين الذكور والإناث والمراهقين والأطفال.

أعراض الاكتئاب عند الرجال

– المزاج: الشعور بالغضب أو العدوانية أو التهيج أو القلق أو التوتر.

– الحالة العاطفية: الشعور بالفراغ أو الحزن أو اليأس.

– السلوك: فقدان الاهتمام بالأنشطة الممتعة، الشعور بالتعب بسرعة، التفكير في الانتحار، الإفراط في شرب الكحول، تعاطي المخدرات، أو الانخراط في سلوكيات خطرة.

– الرغبة الجنسية: انخفاض الرغبة الجنسية أو ضعف الأداء الجنسي.

– القدرات العقلية: صعوبة في التركيز، بطء في إنجاز المهام، أو تأخر في الاستجابة أثناء المحادثات.

– أنماط النوم: الأرق، النوم المتقطع، النوم المفرط، أو عدم القدرة على النوم طوال الليل.

– الحالة الجسدية: الشعور بالتعب، الآلام، الصداع، أو مشاكل في الجهاز الهضمي.

أعراض الاكتئاب عند النساء

– المزاج: الشعور بالتهيج.

– الحالة العاطفية: الشعور بالحزن أو الفراغ، القلق، أو اليأس.

– السلوك: فقدان الاهتمام بالأنشطة، الانسحاب من التفاعلات الاجتماعية، أو التفكير في الانتحار.

– القدرات العقلية: التفكير أو التحدث ببطء.

– أنماط النوم: صعوبة في النوم طوال الليل، الاستيقاظ المبكر، أو النوم لفترات طويلة.

– الحالة الجسدية: انخفاض الطاقة، التعب الشديد، تغييرات في الشهية، تغييرات في الوزن، الآلام، الصداع، أو زيادة التشنجات.

أعراض الاكتئاب عند الأطفال

– المزاج: التهيج، الغضب، التغيرات المزاجية السريعة، أو البكاء.

– الحالة العاطفية: الشعور بعدم الكفاءة (مثل “لا أستطيع فعل أي شيء بشكل صحيح”) أو اليأس، البكاء، أو الحزن الشديد.

– السلوك: الوقوع في المشاكل في المدرسة أو رفض الذهاب إليها، تجنب الأصدقاء أو الأشقاء، التفكير في الموت أو الانتحار، أو إيذاء النفس.

– القدرات العقلية: صعوبة في التركيز، تراجع الأداء الدراسي، أو تغييرات في الدرجات.

– أنماط النوم: صعوبة في النوم أو النوم المفرط.

– الحالة الجسدية: فقدان الطاقة، مشاكل في الجهاز الهضمي، تغييرات في الشهية، أو فقدان الوزن أو زيادته.

اسباب الاكتئاب 

هناك عدة أسباب محتملة للإصابة، تتراوح بين الأسباب البيولوجية والعوامل المحيطة، تشمل الأسباب الشائعة:

– كيمياء الدماغ: قد يحدث خلل كيميائي في أجزاء من الدماغ التي تتحكم في المزاج والأفكار والنوم والشهية والسلوك لدى الأشخاص الذين يعانون من المرض.

– مستويات الهرمونات: التغيرات في هرمونات الإناث مثل الإستروجين والبروجسترون خلال فترات مختلفة مثل الدورة الشهرية، فترة ما بعد الولادة، فترة ما قبل انقطاع الطمث، أو انقطاع الطمث قد تزيد من خطر الاكتئاب.

– التاريخ العائلي: يزيد خطر تطوير الاكتئاب إذا كان هناك تاريخ عائلي للاكتئاب أو اضطراب مزاجي آخر.

– صدمة الطفولة المبكرة: بعض الأحداث قد تؤثر على كيفية تفاعل الجسم مع الخوف والمواقف المجهدة.

– بنية الدماغ: يزيد خطر الإصابة إذا كان الفص الجبهي من الدماغ أقل نشاطًا، إلا أن العلماء غير متأكدين ما إذا كان هذا يحدث قبل أو بعد ظهور الأعراض الاكتئابية.

– الحالات الطبية: بعض الحالات الصحية مثل الأمراض المزمنة، الأرق، الألم المزمن، مرض باركنسون، السكتة الدماغية، النوبة القلبية، والسرطان قد تزيد من خطر الاكتئاب.

– تعاطي المواد: يمكن أن يزيد تعاطي المواد أو الكحول من خطر الإصابة أيضًا.

– الألم: الأشخاص الذين يعانون من ألم عاطفي أو جسدي مزمن لفترات طويلة هم أكثر عرضة للإصابة بالاكتئاب بشكل كبير.

عوامل الخطر

يمكن أن تكون عوامل الخطر للإصابة بيوكيميائية، طبية، اجتماعية، وراثية أو ظرفية. تشمل عوامل الخطر الشائعة:

– الجنس: انتشار الاكتئاب الرئيسي هو ضعف ما هو عليه لدى الإناث مقارنة بالذكور [4].

– الحالة الاجتماعية والاقتصادية: الحالة الاجتماعية والاقتصادية، بما في ذلك المشاكل المالية والشعور بمكانة اجتماعية منخفضة، يمكن أن تزيد من خطر الاكتئاب.

– الجينات: يزيد خطر الإصابة إذا كان هناك تاريخ عائلي للاكتِئاب.

– الأدوية: بعض الأدوية، بما في ذلك بعض أنواع وسائل منع الحمل الهرمونية، الكورتيكوستيرويدات، ومثبطات بيتا، قد ترتبط بزيادة خطر الاكتئاب.

– تعاطي المواد: حوالي 21 في المئة من الأشخاص الذين يعانون من اضطراب تعاطي المواد يعانون أيضًا من الاكتِئاب.

– نقص فيتامين د: الدراسات ربطت بين أعراض الاكتِئاب وانخفاض مستويات فيتامين د.

– الأمراض الطبية: يرتبط الاكتئاب بالأمراض الطبية المزمنة الأخرى. الأشخاص الذين يعانون من أمراض القلب هم أكثر عرضة للإصابة بضعفين مقارنة بالأشخاص الذين لا يعانون منها، بينما قد يعاني ما يصل إلى واحد من كل أربعة أشخاص مصابين بالسرطان من الاكتئاب.

التشخيص

يقوم مقدمو الرعاية الصحية بتشخيص الاكتئاب بناءً على فهم شامل للأعراض، والتاريخ الطبي وتاريخ الصحة النفسية. قد يتم التشخيص بنوع محدد من الاكتئاب، مثل الاضطراب العاطفي الموسمي أو اكتئاب ما بعد الولادة، بناءً على سياق الأعراض التي يعاني منها الفرد.

لتلقي تشخيص الاكتِئاب، يجب أن تكون لديك خمسة أعراض اكتئابية كل يوم، طوال اليوم تقريبًا، لمدة لا تقل عن أسبوعين.

قد يطلب مقدم الرعاية الصحية إجراء اختبارات طبية، مثل اختبارات الدم، لمعرفة ما إذا كانت هناك أي حالات طبية كامنة تسبب الأعراض الاكتئابية.

علاج الاكتئاب

الاكتئاب هو أحد أكثر حالات الصحة النفسية التي يمكن علاجها. حوالي 80% إلى 90% من الأشخاص الذين يعانون من المرض ويطلبون العلاج يستجيبون للعلاج بشكل جيد في النهاية، تشمل خيارات العلاج:

– العلاج النفسي: يتضمن العلاج النفسي التحدث مع متخصص في الصحة النفسية. يساعدك المعالج في التعرف على المشاعر والأفكار والسلوكيات غير الصحية وتغييرها. هناك العديد من أنواع العلاج النفسي، وأكثرها شيوعًا هو العلاج السلوكي المعرفي (CBT). في بعض الأحيان، يكون العلاج القصير هو كل ما تحتاجه. بينما يواصل آخرون العلاج لعدة أشهر أو سنوات.

– الأدوية: يمكن أن تساعد الأدوية الموصوفة التي تُسمى مضادات الاكتِئاب في تغيير كيمياء الدماغ التي تسبب الاكتئاب. هناك عدة أنواع مختلفة من مضادات الاكتئاب، وقد يستغرق الأمر بعض الوقت لاكتشاف النوع الأنسب لك. بعض مضادات الاكتئاب لها آثار جانبية، والتي غالبًا ما تتحسن مع مرور الوقت. إذا لم تتحسن، تحدث مع مقدم الرعاية الصحية الخاص بك. قد تكون هناك دواء آخر يعمل بشكل أفضل بالنسبة لك.

إقرأ أيضًا: مضادات الاكتئاب: أنواعها واستخدامتها و9 أعراض جانبية

– العلاج البديل: يشمل ذلك العلاجات التي قد تتلقاها مع الطب الغربي التقليدي. يمكن للأشخاص الذين يعانون من الاكتئاب الخفيف أو الأعراض المستمرة تحسين صحتهم بالعلاجات مثل الوخز بالإبر، التدليك، التنويم المغناطيسي، والتغذية الحيوية.

– العلاج بتحفيز الدماغ: يمكن أن يساعد العلاج بتحفيز الدماغ الأشخاص الذين يعانون من اكتئاب شديد أو اكتِئاب مع ذهان. تشمل أنواع العلاج بتحفيز الدماغ العلاج بالصدمات الكهربائية (ECT)، والتحفيز المغناطيسي عبر الجمجمة (TMS)، وتحفيز العصب المبهم (VNS).

هناك أيضًا أشياء يمكنك القيام بها في المنزل للمساعدة في تحسين أعراض المرض، بما في ذلك:

– ممارسة التمارين الرياضية بانتظام.

– الحصول على كافِ من النوم (ليس قليلاً ولا كثيراً).

– تناول نظام غذائي صحي.

– تجنب تناول الكحول، حيث أنه مثبط.

– قضاء الوقت مع الأشخاص الذين تهتم لأمرهم.

إقرأ أيضًا: ما هو اضطراب القلق؟ الأسباب والأعراض و5 طرق للعلاج

الوقاية من الاكتئاب

لا يمكن منع الإصابة بالمرض، ولكن هناك بعض العوامل التي تعمل على تقليل خطر الإصابة به من خلال:

– الحفاظ على نمط نوم صحي.

– إدارة التوتر باستخدام آليات مواجهة صحية.

– ممارسة أنشطة الرعاية الذاتية بانتظام مثل التمارين الرياضية، التأمل واليوغا.

إذا كنت قد عانيت من الاكتئاب من قبل، فقد تكون أكثر عرضة لتجربته مرة أخرى. إذا كانت لديك أعراض قد تدل على الإصابة بتلك الحالة، احصل على المساعدة في أسرع وقت ممكن.

 

المراجع:

1- Depression (major depressive disorder)

2. Depressive disorder (depression)

3.Everything You Need to Know About Depression (Major Depressive Disorder)

4. Depression